الأربعاء، 26 أكتوبر 2011

مذكرات رايس: أبو مازن رفض اقتراح أولمرت بتقسيم القدس وتبادل المناطق




 


من المتوقع أن تنشر وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليسا رايس في الأول من الشهر القادم "تشرين ثاني" مذكراتها والتي حملت عنوان "رجال عاديون لكنهم استثنائيون"، وأفردت فيها مساحة واسعة لتجربتها مع المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية وتحديدا مفاوضات ابو مازن- اولمرت الذي وصفته بمن تحمّل مخاطر كبيرة تفوق تلك التي قُتل بسببها إسحاق رابين.

وكتبت رايس في مذكراتها، "أنا والرئيس جورج بوش خرجنا بانطباع بان رئيس وزراء اسرائيل في ذلك الحين ايهود اولمرت يرغب في التوصل الى اتفاق ولهذه الغاية عين تسيفي ليفني وزيرة للخارجية ورغم انها لم تكن على علاقة بالموضوع لفترة طويلة مثل الطاقم الفلسطيني الا انها تعلّمت بسرعة".

ووصفت رايس التقدم في تلك المرحلة بالبطيء لكنه مستقر، مؤكدة ثقتها بان الجميع كان راغبا في التوصل الى اتفاق وتسوية للصراع.

وتطرقت رايس الى زياراتها المتكررة للمنطقة وكتبت: لقد جرت الزيارات بوتيرة ثابتة ومحددة وكانت البداية دائما باجتماعات بمسؤولين عرب من خلال مجلس التعاون الخليجي، تليها اجتماعات في مكتب اولمرت الذي كان يدخن السيجار بينما تتناول كوبا من الشاي ومن ثم نقاشات معمقة على مائدة العشاء ومن ثم تنطلق للاجتماع بالفلسطينيين.

وفي التفاصيل كتبت رايس "خلال اجتماعي مع ايهود أولمرت قال لي بانه ومن أجل التوصل لاتفاق قبل نهاية ولاية الرئيس بوش يجب عدم إدارة المفاوضات من خلال أحمد قريع "ابو علاء" بل عبر مفاوضات مباشرة مع "أبو مازن" بحضور مندوبين عن كل طرف يتوليان صياغة الاتفاق على أن يقوم الوسطاء بالاهتمام بالتفاصيل والانتهاء منها".


وأضافت رايس "بدأت اسأل عن العلاقة بين ما يقترحه اولمرت وما تقوم به تسيفي ليفني وفي هذه المرحلة لم اشعر بارتياح لانه كان من الواضح ان اولمرت لم يقل لليفني ما قاله لي، لكن اولمرت استمر بالحديث "أنا اعرف ماذا يريد (ابو مازن) انه يريد شيئا عن اللاجئين والقدس، سنعطيه ارضا كافية ربما بسنبة 94% مع تبادل أراض، وعندي فكرة حول القدس ستكون فيها عاصمتان واحدة في غربي المدينة وهي عاصمة اسرائيل وأخرى شرقي المدينة للفلسطينيين وسيتم انتخاب رئيس البلدية المشتركة وفقا لنسبة عدد السكان، ما يعني اذا كان رئيس بلدية اسرائيلي فان نائبه سيكون فلسطيني وسنواصل حماية الأماكن المقدسة لاننا نستطيع ضمان حرية الوصول اليها".

"حينها قلت لنفسي إن هذا لن ينجح لكن ركزي فان هذا الامر لا يصدق"، كتبت رايس في مذكراتها وعادت لسرد ما استمر اولمرت في قوله خلال تلك الجلسة: "يمكنني اعادة القليل من اللاجئين داخل اسرائيل ربما 5000 لاجئ ولن ادعو ذلك لم شمل عائلات لوجود الكثير من ابناء العمومة ولن نكون قادرين على السيطرة على هذا الامر، ولقد فكرت في طريقة لادارة المدينة المستقبلية بحيث تكون هناك لجنة "ليست من موظفين بل اشخاص اذكياء" من الاردن والسعودية والفلسطينيين والولايات المتحدة واسرائيل وهم سيتولون الاشراف على المدينة ولكن ليس من الناحية السياسية".

وعادت رايس لتحدث نفسها قائلة: "هل فعلا اسمع هذا الكلام؟ هل فعلا يقول رئيس وزراء اسرائيل بانه سيقسّم القدس ويعيّن جهة دولية للإشراف على الأماكن المقدسة؟ ركزي اكتبي ذلك، لا، لا تكتبيه، ماذا لو تسرَّب؟ لا يمكنه أن يتسرب انه محصور بيننا الاثنين".

وواصل اولمرت في تفصيل حلمه، قائلا: "مع مساعدة أمريكية في مجال الأمن يمكنني تسويق هذه الصفقة ولكن بشرط أن لا يقول الجيش بانها تمس بالأمن لأن مثل هذا الأمر لن ينجو منه أي رئيس وزراء وأريد منك أن لا تفاجئني بأفكار جديدة قبل أن تتاح لنا فرصة نقاشها إنني اتحمّل مخاطرة كبيرة ولا يمكن للولايات المتحدة تجاوزي".

"رئيس الوزراء انه أمر مدهش وساحاول المساعدة وسأتحدث في الصباح مع أبو مازن"، ردت رايس على اقتراحات أولمرت.

واحتفظت رايس بسرية اقتراح اولمرت المتعلق بلجنة الاشراف الدولية على الاماكن المقدسة سرا كبيرا واخفته حتى عن مستشاريها (إليوت ابرامس وديفيد ولش) خشية أن تؤدي زلة لسان منها الى تعقيد وضع أولمرت وارباكه- وفقا لتعبيرها في سيرتها الذاتية.

وقالت "لم أشعر براحة خلال حديثي الهاتفي مع ستيفان رغم انني كنت اتحدث بواسطة هاتف مؤمّن لأنني كنت في أحد فنادق اسرائيل ومن يدري من يتنصت عليّ، وقلت لستيفان: أبلغ الرئيس بانه صدق فيما يتعلق بأولمرت انه يريد اتفاقا وللحقيقة انه مستعد للموت لتحقيق مثل هذا الاتفاق، وقلت هذا حين تذكرت بان رابين قتل بسبب اقتراح اقل بكثير من هذا".

ووصفت رايس جواب "أبو مازن" على اقتراح اولمرت بالموافقة فورا على الدخول بالمفاوضات، لكنه قال لرايس: "لا يمكنني ان اقول لـ 4 ملايين فلسطيني بان 5000 فقط سيعودون الى بيوتهم وابلغها ايضا رفضه تعيين ممثل عنه لصياغة الاتفاق، مؤكدا بانه سيقوم بالأمر شخصيا"، الامر الذي رد عليه اولمرت بالموافقة الفورية على المفاوضات وتحديد موعد للّقاء بينهما.

واعترفت رايس بأن اقتراحات أولمرت لاحقتها شخصيا وكذلك الادارة الامريكية طيلة الاشهر الاخيرة لولاية بوش وطلبت من بوش لقاء الزعيمين لآخر مرة رغم علمه بان أولمرت سيستقيل من رئاسة الحكومة الصيف القادم وأن الانتخابات في اسرائيل باتت قريبة.

وأخيرا وصفت رايس، أولمرت والرئيس بوش بالبطة العرجاء "ورغم هذا فإنني اعتقدت بأن فرصة كهذه لن تعود مطلقا، فيما ضغطت تسيفي ليفني عليّ وكذلك فيما اعتقد على الرئيس عباس لاتجاه عدم اضفاء القدسية على اقتراحات اولمرت، قائلة: إن هذا الاتفاق لن يصمد في اسرائيل، وهذا فيما يبدو صحيح ولكن حين يطرح رئيس وزراء اسرائيل مثل هذه الاقتراحات المدهشة علنا ويقبلها الرئيس الفلسطيني فان هذا الامر سينقل عملية السلام الى مستويات جديدة، ولكن عباس رفض وكانت امامنا فرصة أخيرة حيث حضر الزعيمان منفردين في شهر نوفمبر وديسيمبر لتوديع الرئيس بوش الذي اصطحب عباس الى الغرفة البيضاوية ودعاه لدراسة الموضوع مجددا لكن الفلسطينيين اصروا على مطالبهم وبالتالي ماتت الفكرة" بهذا القول علّقت رايس.

واجملت رايس فصل المفاوضات بالقول حين اكتب في عام 2011 أشعر بأن العملية السلمية في تراجع.